عمرو خالد يجيب على قُرَّاء الشباب في عدد يوليو 2004:
الإسلام يُحدد 4 مراحل للحب المباح تبدأ بالتعارف والخِطْبَة وعقد القران ثم الزواج
يتساءل بعض الشباب: هل الحب حلال أم حرام وما هي حدود المباح والممنوع فيه هل من حق الخطيب أن يخرج مع خطيبته قبل عقد القران؟.. على هذه الأسئلة وغيرها من التساؤلات التي تدور في أذهان الشباب يجيب الداعية الكبير عمرو خالد الذي اتصلت به "الشباب" وعرضت عليه هذه التساؤلات..
*ما رأيك في الحب بين الشباب؟ ( فيصل منير)
الحب حلال، وهو نعمة جميلة زرعها الله فينا وهو شعور انفعالي وليس فِعْلاً اختيارياً، ومن المعلوم أنّ الأوامر في الإسلام مرتبطة بما في وسع الإنسان حيث يقول تعالى: "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" والشرع لا يقول لك "لا تحب" ولكن يقول لك إذا أحببت فلا تَنْجَرف إلى الحرام.
ولا يقول لك "لا تكره" ولكن يقول إذا كرهت فلا تَظْلم، ولا يقول لك "لا تجوع" ولكن يقول إذا جُعْتَ فلا تَسْرِق.
وهناك فرق بين أن تكون قادراً على تحويل الحب إلى علاقة زواج وبين أن يكون الحب عذاباً لنفسك ولقلبك. فإذا حدث الحب وكنت قادراً على تحويله إلى زواج فإنني أقول لك "لا أرى للمتحابين إلا النكاح" أما إذا حدث الحب مع عدم القدرة على الزواج فاكتمه واصبر ولا تتخذ خطوات تقودك إلى سراب أو حرام.
والأوْلَى بك هو أن تحمي نفسك من سيطرة فكرك، ولا تقل لنفسك "لازم أحب" إلا وأنت قادر على الزواج حتى تحفظ قلبك.
*هناك من يقول إن الحب قبل الزواج مهم حتى يتعرف الطرفان على بعضهما فهل هذا ضروري كما يقولون؟ ( نفس القارئ)
هناك نموذجان للتعامل مع القضية، هما النموذج الإسلامي والنموذج الغربي وأفضل شيء للحكم عليهما هو الحكم على نتائج كل منهما.
فالنموذج الغربي بَالَغَ في هذه القضية، وفي ذلك اسأل هل الأسر سعيدة في الغرب؟
وفي الحقيقة فإن ما يحدث هو أنها تزداد شقاء وطلاقاً يوما بعد يوم، كما أنه لا توجد زِيِجَة في الغرب إلا بعد حُبٍّ طويل. كما أن أعلى مُعَدل ضَرب الرجال لزوجاتهم موجود في الغرب.
أما النموذج الإسلامي فيؤمن بالحب وأهميته ولكن بشكل أكثر واقعية فهو يضع أربع مراحل يجب أن يمر بها الرجل والمرأة حتى يتم الزواج وهي: التعارف ثم الخِطْبة ثم عقد القران وأخيراً الزواج..وهذه المراحل تمهد لحدوث التآلف المطلوب.
*لماذا اختفت الرومانسية لدى البنات وأصبحن يبحثن عن العريس الجاهز مادياً؟ ( تامر عبد الله)
هذا الكلام صحيح فهدف الزواج في النهاية هو إقامة أسرة قوية والأسرة القوية هي حجر الأساس الذي يقيم المجتمع القوي.
والزوجة التي تقبل ذلك تدفع نفسها إلى كارثة في المستقبل وهذه الكارثة يمكن أن تكون أخلاقية أو تكون عدم احترام النفس.
ويمكن أن تكون المرأة عفيفة ومحترمة لكنها تشعر بالعجز عن احتمال الحياة في هذه الظروف غير المناسبة التي دفعت نفسها إليها.
*ما هو موقف الإسلام من زواج الأقارب خاصة أن الأطباء لا ينصحون به؟
إذا كان الطب قد أثبت أن زواج الأقارب يؤدي إلى مشاكل لدى أطفالهم فيما بعد فإن الإسلام يعلمنا أن نلتزم بالرأي الطبي الصحيح.
والشيء السيئ في زواج الأقارب هو أنه يتم للحفاظ على ثروة العائلة حتى لا يخرج المال للغريب!..
والحقيقة أن الهدف الأسمى للزواج هو بناء بيت سعيد وليس المحافظة على المال.
*هل التكافؤ في الحب مطلوب بين الشاب والفتاة وما هو التكافؤ الأمثل؟ ( إيهاب فتحي)
يرى البعض أنه يكفي أن يكون شريك الحياة متديناً بصرف النظر عن المستوى الاجتماعي أو الثقافي بينما يكتفي بعض الناس بأن يكون المستويان الاجتماعي و الثقافي متقاربين ولا تهمهما قضية التدين فالبنت تكون متدينة والشاب بعيداً جداً عن التدين لا يصلي ويرتكب الكبائر ويقولون ربما يتدين بعد ذلك ويتوب.
وأقول لهؤلاء إن الموقفين خطأ، فالدين لا يكفي لضمان التكافؤ، ولا المستوى الثقافي والاجتماعي يكفي لضمان التكافؤ بمعنى أن مسألة التكافؤ ضرورة لاستمرار الزواج، وكلمة التكافؤ تشمل التكافؤ الثقافي والاجتماعي والتكافؤ في السن.. وقد قصدت ألا أضم التكافؤ المادي مع هذه العناصر لأنه عنصر غير مهم إذا توافرت العناصر الأخرى.
أما التكافؤ في السن فهو قضية أساسية لكنه أحياناً يكون مسألة نسبية فقد تَكْبُر البنت الولد بسنة. لكن كل العناصر الأخرى تكفل لهما زواجاً ناجحاً دينياً وثقافياً واجتماعياً بالإضافة إلى الحب الذي يربط بينهما.
*في أحيان عديدة نجد أن الفتيات هن اللاتي يتقربن من الشباب ولذلك تكون مقاومتهن صعبة فما هو الحل؟
خِطبة المرأة لنفسها الرجل الذي تريده زوجاً ليست مرفوضة في الإسلام بل هي حلال بلا شك.. وقد عرفنا ذلك في قصة زواج السيدة خديجة بالرسول صلى الله علية وسلم لكن المهم هو كيف يتم التعبير عن ذلك؟
إن المشكلة ليست في البداية وإنما في الإحساس والإسلام لا يرفض ذلك لأنه شعور فطري والمصارحة هي أسوأ الخيارات خصوصاً من جانب المرأة لأن أحلى شيء فيها هو أنها غالية بالإضافة إلى أن حياءها يزيدها جمالاً وجاذبية. والتلميح لا يختلف كثيراً عن التصريح في مثل هذا الأمر والحل الصحيح هو جس النبض من خلال طرف ثالث، يتميز بالحكمة والأمانة. وهنا تأتي أهمية الأب الصديق والأم الصديقة لأنهما من الممكن أن يقوما بهذا الدور مثلما حدث في قصة سيدنا موسى عليه السلام.
حيث يقول تعالى في كتابة العزيز "قالت يا أبت استأجره، إن خير من استأجرت القوى الأمين": وفي هذه القصة نجد أن الأب الذكي الَّلمَّاح فَهِمَ ما تريد ابنته، فذهب يَخْطِب موسى لها.
*ما حكم خروج المخطوبين سوياً إلى الأماكن العامة مع مراعاة أنهما في بعض الأحيان يقعون في أخطاء شرعية؟ (أسماء خليل)
الأصل في الخطبة أنها وَعْدٌ بالزواج وهدف الإسلام من فترة الخِطْبَة هو التعارف العقلي بين الطرفين وكيف يفكر كل منهما؟ وما أهدافهما في الحياة؟ وما الذي يضايق كل منهما؟
التركيز هنا على الملامح الشخصية.. وعلينا إذن ألا نفسد الأهداف التي من أجلها شرع الله تعالى الخِطْبَة. ولأن الخلوة تؤدي إلى تغلب الغريزة فإن ذلك لو حدث يفسد الخِطْبَة ويؤدي إلى نتائج سيئة جداً وأنا أريد أن أفرق بين الخلوة والوجود في الأماكن العامة كالحديقة أو النادي مثلاً.
فلقاء الحديقة لا غُبَار عليه بين الخطيبين لأنّه يتم وسط الناس، أما خروجهما في السيارة على الطريق الصحراوي مثلاً (مع أنه مكان عام) فهذا أمر مرفوض لأنه يثير الغرائز لعدم وجود ناس معهما.
وقد حذرنا قبل ذلك من سيطرة الغريزة على عقول المخطوبين لأنها تضع حجاباً على قدرة العقل على تقويم الطرف الآخر، وهنا تكون الغريزة هي المعوق لاكتشاف حقيقة الطرفين.
ومن الأشياء المرفوضة أيضاً أن يأتي العريس لزيارة العروس فيجلس أخو العروس معهما لأن في ذلك ما يمنع قدرة كل منهما على فهم الآخر، وإنما يجب أن يجلسا وحدهما في مكان مفتوح وسط العائلة أو وسط الناس.. تلك هي القاعدة.
*ما حكم حديث المخطوبين في التليفونات لساعات طويلة خاصة في أثناء الليل وعدم معرفة الآباء بذلك؟ ( نفس القارئة)
لابد أن يتحدثا هاتفياً فهذا شيء طبيعي والطبيعي أيضاً أن تكون المكالمات طويلة ولكني أُحَذِّر من أن تكون بعد منتصف الليل ويجب أن تتم بمعرفة الآباء.
*كثيرون من الشباب يقعون في علاقات عاطفية وبالطبع هناك أخطاء ولكن ينتهي بعضها بالزواج فهل هذا يمحو ما قبله؟ ( أحمد شعبان)
الحل هو تقصير فترة الخِطْبة قدر الإمكان تجنباً للضعف الإنساني والوقوع في الخطأ وحتى تسير في اتجاهها الصحيح فنسبة الزيجات التي تفشل بسبب ما يحدث في فترة الخطبة عالية جداً. ونجد أن 25% من أسباب انهيار الخطبة راجع إلى أخطاء الخطيبين خلال تلك المرحلة وتغيير العريس رأيه، وهناك نوع من الشباب يتعمد بعد أن ينال من خطيبته مآربه أن يقول إنها لا تصلح زوجة ويفسخ الخطبة وعلينا أن نعترف بأن مشاعر الفتاة في هذه المرحلة تكون جارفة وأن العريس لو تجاوب مع هذا التوهج في الأحاسيس لدى الفتاة فإن نسبة الكوارث التي تحدث في العائلات تكون كبيرة جداً وهي أشياء تحدث كل يوم.
وما أريد أن أقوله هو أنه لابد أن يكون هناك تمهيد بكلام الحب المغلف ويظل هذا الحاجز أو هذا الغلاف قائماً حتى يتم عقد القران مع تقصير فترة الخطوبة بشكل معقول.
[center]
والله اعلم